إذا لم أفز في المسابقات الأدبية، ماذا أفعل؟
في كل عام، تُنظم مئات المسابقات الأدبية في العالم العربي وخارجه. آلاف الكُتاب يرسلون قصائدهم، قصصهم، رواياتهم، ونصوصهم على أمل أن تُنصفهم لجنة التحكيم، ويصعد اسمهم إلى منصات التتويج.
لكن في المقابل، لا يفوز الجميع.
وقد لا تفوز أنت، رغم تعبك وجهدك، فماذا تفعل حينها؟ هل تتوقف عن الكتابة؟ هل تفقد الثقة في نفسك؟ هل تستسلم؟
في هذا المقال، نحاول أن نفتح نافذة من الوعي والتفكير الإيجابي لكل كاتب لم يُوفق في الفوز، ونطرح بدائل ونصائح لمواصلة الطريق بثقة وقوة.
1. الفشل في الفوز لا يعني أنك فاشل
أول شيء يجب أن تفهمه هو أن عدم الفوز لا يعني أنك غير موهوب، ولا أن نصك رديء.
في كثير من الأحيان، يكون الفرق بين النص الفائز والنص غير الفائز تفصيلة صغيرة جدًا، أو مسألة ذوق، أو حتى رؤية اللجنة للموضوع.
المسابقات تخضع لمعايير بشرية، ولا يمكن أن تكون مطلقة العدل مهما حاولت. فربما لم يكن موضوعك قريبًا من اهتمامات اللجنة، أو كانت لغتك قوية لكن الفكرة مألوفة، أو ببساطة لم يحالفك الحظ.
🔹 تذكّر:
-
توفيق الحكيم لم يكن يُفضل الجوائز إطلاقًا.
-
نجيب محفوظ لم يفز بجائزة نوبل إلا بعد عقود من الكتابة.
-
كثير من الكُتاب الكبار لم يفوزوا بأي جائزة، ومع ذلك خلّدهم التاريخ.
2. اسأل نفسك: ماذا تعني لك الكتابة؟
هل تكتب فقط من أجل الجوائز؟ أم أنك تكتب لأنك لا تستطيع التوقف عن الكتابة؟
الكاتب الحقيقي يكتب لأن في داخله نارًا لا تنطفئ، لأن هناك فكرة أو شعورًا لا يسكت إلا إذا كُتب.
إذا كانت الجائزة حافزًا، فهذا شيء جيد.
أما إذا كانت الغاية الوحيدة، فحينها أنت تضع نفسك في ميزان خارجي هشّ.
🔹 نصيحة: أعد الاتصال بجوهر الكتابة في داخلك. اكتب لنفسك أولًا، للعالم ثانيًا، وللجوائز في المرتبة الأخيرة.
3. اطلب رأيًا محايدًا في نصك
بعد انتهاء المسابقة، لا تكتفِ بالقول: "ظلموني!"، بل ابحث عن النقد الحقيقي.
قد تكون فعلاً أخطأت في البناء، أو كان هناك ضعف في اللغة، أو أن النهاية لم تكن بالقوة المطلوبة.
🔹 ماذا تفعل؟
🔹 الذكي لا يكتفي بالحزن… بل يتعلم.
4. شارك مجددًا… ولا تتوقف
كثير من الفائزين بالجوائز الكبرى في العالم العربي لم يفوزوا من أول مرة. بل شاركوا مرات ومرات، وتحسنوا تدريجيًا، وتعلموا من كل تجربة.
🔹 أمثلة:
-
بعض الكُتاب فازوا في مشاركتهم الخامسة أو السادسة.
-
شعراء كبار لم تُلتفت لهم إلا بعد سنوات من المحاولات.
-
هناك من ظل يكتب لعشر سنوات دون جائزة، ثم فجأة فاز بثلاث جوائز في عام واحد!
🔹 الاستمرارية هي المفتاح.
كل تجربة تراكُم، كل خسارة تُعلمك، وكل محاولة تُقربك من النضج.
5. استثمر النص في فرصة أخرى
هل تعلم أن كثيرًا من النصوص غير الفائزة تُنشر لاحقًا وتنجح؟
بعض القصص التي رفضتها لجان التحكيم، نشرتها مجلات أو دور نشر وحققت تفاعلًا هائلًا.
🔹 ماذا تفعل بنصك بعد المسابقة؟
-
راجعه وحرره، ثم أرسله لمجلة أدبية.
-
أضفه إلى مجموعة قصصية أو ديوان شعري تعد له.
-
انشره على مدونتك أو صفحتك، وراقب التفاعل.
-
شارك به في مسابقة أخرى، بعد إجراء تعديلات مناسبة.
🔹 لا تترك النص في الدرج… الحياة لا تنتهي عند لجنة تحكيم.
6. طوّر مهاراتك بشكل دائم
كل تجربة يجب أن تُترجم إلى "نمو"، لا إلى انكسار.
اسأل نفسك بعد المسابقة:
🔹 خطوات عملية:
-
اقرأ كتبًا في تقنيات السرد أو الشعر أو كتابة القصة.
-
شارك في ورش كتابة إبداعية.
-
تابع نصوص الأدباء العالميين والعرب المعاصرين.
-
تعلم من الفائزين، لا لتقليدهم، بل لفهم مستويات المنافسة.
7. كوّن شبكة علاقات أدبية
الوصول إلى دوائر الكتابة والمجلات والأدباء يمكن أن يساعدك نفسيًا ومعنويًا ومهنيًا.
الكتابة ليست عزلة فقط، بل أيضًا تواصل، نقد متبادل، وفرص غير متوقعة.
🔹 كيف؟
-
شارك في مجموعات أدبية على فيسبوك أو واتساب.
-
تابع صفحات المسابقات والتقديمات والفرص.
-
شارك في ملتقيات أدبية أو أمسيات محلية.
🔹 أن تكون جزءًا من مجتمع أدبي… يُشعرك أنك لست وحدك.
8. لا تجعل الخسارة تسرق فرحتك بالكتابة
من الطبيعي أن تشعر بالحزن بعد الخسارة، لكن من المؤلم أن تسمح لهذا الشعور بأن يمنعك من المتعة التي تعنيها الكتابة.
اكتب لأنك تحب الكلمات، لأن الكتابة تشفيك، لأنها صوتك في هذا العالم.
الجوائز جميلة، لكنها لا تعرّفك ككاتب.
🔹 تذكّر:
– قد لا يفوز نصك… لكنه قد يغيّر حياة قارئ ما.
– قد لا تُكافأ الآن… لكنك تضع لبنات مستقبلك.
– قد لا تكون الأضواء في صفك اليوم… لكن الكتابة الحقيقية لا تحتاج إلى أضواء لتضيء.
الخسارة مرحلة… وليست نهاية
أن لا تفوز في مسابقة أدبية لا يعني أنك خارج اللعبة.
بل ربما تكون هذه الخطوة هي التي توقظ فيك كاتبًا جديدًا، أكثر نضجًا، أكثر عمقًا، وأكثر تصميمًا.
لا تُوقف القلم.
لا تنكسر داخليًا.
بل اجعل من خسارتك سؤالًا يقودك إلى الأفضل، لا بوابةً للانسحاب.
ربما لم تفز الآن… لكن المستقبل لا يزال ينتظر قلمك.
تعليقات
إرسال تعليق
شارك معنا بكتابة تعليق حول الموضوع